السبت، 2 مارس 2013
1:48 م

حدود العلاقة بين المخطوبين.. وحكم التقبيل في هذه الفترة



السؤال*
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم وفي جهودكم الثمينة المبذولة لإنارة الدرب وإظهار نور الحق.

أود أن أسأل فضيلتكم عن حكم تقبيل الخاطب لخطيبته (والمرتبطان بالخطبة وليس بالعقد)؟ فخطيبي يلحّ على هذا الأمر بحجة أنه حلال؛ لأنني زوجته على سنة الله ورسوله، ويحق له تقبيلي، فما رأي فضيلتكم في هذا الأمر؟

أفيدوني جزاكم الله خيرا وفي أقرب فرصة.
الإجابــة*
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أميمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن ييسر أمرك وأن يسترك في الدنيا والآخرة وأن يرزقك زوجًا صالحًا يكون عونًا لك على طاعته، إنه جواد كريم.

بخصوص ما ورد باستشارتك - أختي الكريمة - فإن - وكما لا يخفى عليك - الله تبارك وتعالى أمر بالزواج وحثّ عليه، فقال تبارك وتعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ}، والنبي - صلى الله عليه وسلم – يقول: (النكاح من سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني)، وجعل الإسلام الحياة الزوجية قائمة على القبول والرضا من الطرفين، وبموافقة ولي الأمر هي الوسيلة لإشباع الغرائز وإمتاع الشهوات، وهذا أمر لا خلاف فيه، ولا أعتقد أنه يخفى عليك ولا على أحد من المسلمين والمسلمات ولله الحمد والمنة، فنحن لا نعرف رباطًا يربط بين المرأة والرجل إلا رباط الزواج الشرعي القائم على أسس الكتاب والسنة، وهذا الزواج أحيانًا قد يمر بعدة مراحل فيبدأ بداية بالخطبة - وهي عبارة عن إبداء الرغبة في الزواج – إلا أنها في نظر الإسلام لا تعتبر زواجًا، ثم بعد ذلك يكون العقد، وأحيانًا تكون الخطبة والعقد في نفس المجلس وبذلك تكون الحياة الزوجية أصبحت أكثر قوة وتزداد قوة أيضًا في حالة البناء والدخول – وهو انتقال الفتاة من بيت أبيها إلى بيت زوجها – وبذلك تقوم الحياة الزوجية الكاملة.

أما بالنسبة للخطبة - أختي الكريمة - فإنما هي مجرد وعد بالزواج وليست زواجًا وليست عقدًا؛ ولذلك لا يجوز للخاطب أن يختلي بمخطوبته، ولا يخرج معها وحدها، ولا يجلس معها وحدها، حتى الكلام ينبغي أن يكون بضوابط لأنه ما زال أجنبيًا عنك - بارك الله فيك - فهو ليس لك زوجًا؛ ولذلك الآن - لا قدر الله – لو تخلى عنك لا يُطالب بأي حق شرعي، ولو قدر الله أن تتركيه أيضًا لا تطالبينه بأي شيء، لماذا؟ لأن الخطبة - بارك الله فيك – إنما هي وعد بالزواج وليست بزواج، وهي ليست بشيء؛ ولذلك يعتبر خطيبك إلى الآن مازال رجلاً أجنبيًا كأي رجل في الشارع، ومن هنا فالكلام معه لابد أن يكون في حدود ولا يكون واسعًا، وموضوع العواطف وإثارة الغرائز والتعبير الصادق عن الحب هذا كله لا ينبغي - أختي الكريمة - في هذه المرحلة، لاحتمال أن يتخلى عنك – لا قدر الله – ويقول الناس لقد كانت وكانت وكانت، وبذلك يكون موقفك حرجًا، لأنه إذا لم يقدر الله لك فيه من نصيب فأنت تنتظرين غيره وهو يستطيع بهذه التنازلات أن يشوه صورتك.

وعليه - بارك الله فيك - فبما أنه لا يجوز الكلام لا يجوز أيضًا المس، حتى المصافحة لا تجوز، وبالتالي التقبيل لا يجوز أيضًا بحجة أنه حلال وأنها زوجته على سنة الله ورسوله، هذا ليس صحيحًا - أختي الكريمة – إنما حتى تكونين زوجته على سنة الله ورسوله لا بد من العقد؛ ولذلك أتمنى أن تخبري أخانا الكريم هذا:

إذا كنت ترغب أن تقبلني أو أن تضمني أو أن تحتضنني أو أن تتكلم معي أو أن تمسني فلابد من العقد.

أما قبل العقد إياك ثم إياك - أختي الكريمة – أن تفعلي شيئًا من ذلك، لأن هذا يؤثر في مركزك ومكانتك عنده؛ لأنه سيقول: هذه فتاة سهلة، أنا إلى الآن لم أعقد عليها وأعطتني كل شيء.

والأمر الأخطر من ذلك - أختي الكريمة أميمة – أن الأمر لم يتوقف عند حد القبلة، فالقبلة قد يعقبها قبلة في الفم تثارين معها إثارة تفقدين معها السيطرة على نفسك، وقد يعقبها ضمَّات أيضًا ثم قد يفتح الطريق إلى ما هو أعظم من ذلك، وأحيانًا قد يأخذ الرجل من الفتاة ما يريد ثم يتخلى عنها ويتركها، بالله عليك لو قدر الله وتخلى عنك الآن بعد أن أخذ ما يريد من الأشياء التي يطمع فيها الشباب كيف ستقولين لأي شخص آخر يتقدم بعده إليك؟ هل ستقولين بأنه لم يمسك أحد؟ ستكون المسألة ليست صادقة.

ثانيًا - بارك الله فيك - أحيانًا بعض الشباب يجرب الفتاة من باب التجربة، ليرى هل هي فعلاً سهلة أم أنها عنيدة وعتيدة وقوية وصلبة؟ لأنه يعتبر أن الفتاة الصعبة والصلبة والشديدة المراس هي الأصلح له، أما الفتاة السهلة يقول: من أدراني أنها لم تفعل ذلك مع غيري!؟ ثم ما يدريني أنها لم تفعل ذلك وهي متزوجة بي وهي في عصمتي؛ لأنها سهلة؟!! ولذلك اعلمي - أختي الكريمة – أن حرصك على موقفك وعدم السماح له حتى مجرد مس يدك أو الجلوس معك على انفراد بخلوة أو التقبيل سيزيدك قوة في عينه ويزيده تمسكاً بك ، وصدقيني جربي وسوف تعرفي ذلك.

إذن - أختي الكريمة - لا يوجد هناك أبدًا داعٍ لهذه الأمور، وليس من حقكما شرعًا، لا التقبيل ولا المصافحة ولا الخلوة ولا الخروج معه وحدكما، بل ولا حتى العواطف والمشاعر؛ لأن هذا الكلام له وقته، فقولي له: إذا كنت تريد ذلك فلابد من العقد الشرعي، أنت لا تريد العقد الشرعي الآن أو الظروف لا تسمح إذن فلنصبر حتى يجعل الله لنا فرجًا ومخرجًا.

أختي الكريمة إن الإسلام في صالحك أنت، الإسلام ما فرض هذه الفروض إلا للمحافظة عليك؛ لأنك في الجانب الأضعف والإسلام أراد أن يحافظ عليك حتى لا تكونين علكة يلوكك الناس بألسنتهم، فأنت عزيزة في نظر الإسلام، أنت مكرمة عند الله ورسوله؛ ولذلك وضعت كل الضوابط لصالحك أنت، فلا تتخلي عن حقك الذي أعطاك الله تبارك وتعالى إياه، حتى لا تضعفي ويكون موقفك حرجا أمام هذا الشاب أو غيره.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يجمع بينكما على خير في ظل الكتاب والسنة، وأن تكونا أسعد الناس حياة ومن أبرك الناس أولادًا، إنه جواد كريم.

وبالله التوفيق.
اترك بصمتك