
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أطرح عليكم هذا السؤال، وربما هو غريب بعض الشيء، ولكن أعتقد أن كثيراً من الناس يعاني منه في هذا الزمن، ألا وهو:
أعاني ازدواجية في تصرفاتي، فمن ناحية -الحمد لله أصلي الصلوات الخمس في المسجد غالباً - وكذلك فإني قاربت على الانتهاء من حفظ كتاب الله عز وجل.
ومن ناحية أخرى أنا بين فترات ليست متباعدة (تقريباً ثلاث مرات في الأسبوع) أدخل إلى المواقع الساقطة والإباحية، وأدمن العادة السرية، ومن ثم أرجع وأتوب ولكن ما ألبث حتى تنطفئ نار التوبة في صدري وأرجع رويداً رويداً إلى التفكير في العادة السرية والنظر إلى الصور، ومن ثم أتوب وأرجع، وهكذا الحال منذ سنوات طوال.
مع العلم أنه عندما أقلع لعدة أيام عن هذه الأفعال المشينة يبدأ عقلي الباطن يفكر بالجنس، ويزداد اتساع هذا التفكير شيئاً فشيئاً حتى لا أستطيع أن أصلي مثل الناس، ويستحوذ على تفكيري تماماً حتى أقع فيما أقع فيه، وكأنه وعاء يمتلئ شيئاً فشيئاً.
ماذا أفعل؟ هل يا ترى ستنتهي هذه الحالة بعد أن أتقدم للخطبة والاستعداد للزواج؟ علماً أن لدي وقت فراغ كثير، لأنه ليس لدي عمل، فقد أكملت كليتي وجلست في البيت.
أفيدوني أفادكم الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن ييسر أمرك، وأن يوسع رزقك، وأن يمنّ عليك بإتمام حفظ كتابه جل جلاله، وأن يجعلك من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته.
وبخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم الفاضل – فإن أخطر ما يتعرض له الشباب هو مسألة الفراغ، ولذلك هذه المشاكل التي وردت في رسالتك لم ولن يتم حلها ما دام لديك مساحة كبيرة من الوقت بلا عمل، لأن الإنسان إذا لم يُشغل بالحق شُغل بالباطل، وما لم يُملأ الإناء ماءً أو سائلاً لابد أن يُملأ هواءً، فلا يوجد هناك شيء فارغ بالمرة، وإنما لابد لكل شيء ما يشغله، إذا شُغل العبد بذكر الله تعالى ينصرف عنه الشيطان، وإذا شُغل العبد بعمل من أعمال الدنيا كحرفة أو مهنة فإنه عادة يقل عنده التفكير في هذه الأمور، لأنه سيكون مشغولاً ومصروفًا عن التفكير في هذه المسائل.
لذلك علاجك – ابنِي الفاضل عبد الرحمن – إنما هو أولاً: في البحث عن أي شيء تقضي فيه وقت فراغك، شريطة أن يكون مفيدًا أو نافعًا، ومن الممكن بارك الله فيك أن تبحث الآن إذا لم يكن هناك عمل رسمي، فمن الممكن أن تجتهد مثلاً في العمل في المؤسسات الخيرية الدعوية، التي تأخذ منك وقتًا طويلاً، فجميع الجمعيات الخيرية الآن في مصر فيها أنشطة اجتماعية كبيرة، ويحتاجون إلى متطوعين يقومون بالعمل معهم، فأنت تستطيع أن تنضم إلى جماعة المسجد إذا كان لديهم أي نشاط تتولى القيام بأي نشاط من نشاط المسجد، الذي سوف يوزعونه عليك حسب ظروفك وإمكاناتك وقدراتك، وبذلك تقلل مساحة الوقت الفارغ الذي يستغله الشيطان في وقوعك في المعاصي.
الأمر الثاني: ابحث لك عن الصحبة الصالحة تذكرك بالله تعالى وتعينك على طاعته، لأن الصاحب ساحب، وحتى لو أن الإنسان منا كان فاسدًا وكان يمشي بعض الوقت مع العبد الصالح فإن الله يُصلحه لاصطحابه الصاحب الصالح، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم – أخبرنا أن المرء على دين خليله.
كذلك بارك الله فيك: عليك – ولدي عبد الرحمن – بوضع خطة لحفظ القرآن الكريم، ووضع وقت محدد.
رابعًا: عليك بعدم الجلوس وحدك فترة طويلة من الزمن، لأن الوحدة هذه التي تجعلك فريسة للشيطان، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (من أراد بحبوحة الجنة فليزم الجماعة، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد) فكونك وحدك في غرفة مستقلة سواء كان بالليل أو بالنهار هذه تجعلك عرضة وفريسة للشيطان الرجيم.
عليك بارك الله فيك ألا تُغلق على نفسك باب غرفتك أبدًا، وإنما تجعله مفتوحًا، حتى ينشأ لديك نوع من الخوف من أن يدخل عليك أحد وأنت ترتكب بعض الأشياء التي حرمها الله تبارك وتعالى.
كذلك جهاز الكمبيوتر إذا كان في غرفتك الخاصة فأقترح أن تُخرجه في الصالة أمام الكل حتى لا يضحك عليك الشيطان ويستغلك ويجعلك تدخل إلى بعض المواقع المحرمة التي قد تُفسد عليك دينك ودنياك.
هناك سلاح آخر أيضًا، وهو الدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يمنّ الله تبارك وتعالى عليك بالصلاح والاستقامة والهداية، لأن الله تبارك وتعالى إذا هداك وأخذ بقلبك إليه فإنك لن تجد أمامك فرصة أبدًا أو وقتًا للوقوع في المحرمات التي تشتكي منها أنت الآن.
هذه أمور بارك الله فيك أعتقد أنها ستساعدك - بإذن الله تعالى جل جلاله – حتى يتيسر لك أمر الزواج والحلال، لأن الزواج هو الحل، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وُجاء) فأفضل شيء للشباب إنما هو الزواج، وذلك إذا كان الزواج متيسرًا، أما إذا كان الزواج غير متيسر لنا فعلى الإنسان أن يأخذ بقول الله تعالى: {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحًا حتى يُغنيهم الله من فضله} وعليه بالصوم وشغل نفسه بالحق لئلا تشغله نفسه بالباطل، وهذا سوف تؤدي - إن شاء الله تعالى – إلى مساعدتك للخروج من هذه الأزمة النفسية التي ترتبت على المعاصي، لأن المعاصي لها شؤم عظيم في الدين والدنيا والآخرة.
أسأل الله تعالى أن يعافيك من ذلك، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، إنه جود كريم.
هذا وبالله التوفيق.
المصدر : إسلام ويب